New info

آخر الأخبار

الثلاثاء، 26 فبراير 2019

التعريف بابن الجوزي

المبحث الأول: اسمه ونشأته.
1/إسمه:
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمان بن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله بن عبد الله بن حمادي بن أحمد محمد بن جعفر بن عبد الله بن القاسم بن النضرين القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمان بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، القريشي التيمي البكري البغدادي الحنبلي[1] الجوزي نسبة إلى جدّه جعفر الجوزي[2] وقد اختلف  سبب هذه النسبة، وقيلت آراء كثيرة من أهمها:

يقول ابن خلكان: " والجوزي بفتح الجيم وسكون الواو بعدها زاي، هذه نسبة إلى فرضة الجوز، وهو موضع مشهور ورأيت بخطي في مسوداتي أن جدّه كان من مشركة الجوز، إحدى محال بغداد بالجانب الغربي، والله أعلم"[3].
ويقول الذهبي:" وجعفر الذي هو جدّه التاسع: قال ابن دحية: جعفر هو الجوزي، نسبة إلى فرضة النهر: ثلمته، وفرضة البحر: محط السفن[4].


نشأته:
ترجح العديد من المصادر أنّ ولادة ابن الجوزي كانت حدود سنة عشر وخمسمائة هجرية (510هـ)[5]
يقول ابن كثير: " ولد ابن الجوزي في حدود عشر وخمسمائة"[6].
ويقول الذهبي نقلاً عن الدبيثي:" وسألته عن مولده غير مرّة يقول: يكون تقريباً سنة عشر وخمسمائة"[7].
أما عن مكان  ولادته فقد كان في درب حبيب ببغداد[8] ويذكر أن أهله كانوا تجّار في النحاس[9].
بعد وفاة والده، لم تلتفت أمّه لتربيته وتوجيهه، وتكفّلت بذلك عمّته التّي أرسلته إلى مسجد محمد بن ناصر الحافظ[10] ليتلقى جميع العلوم منه ومن غيره من الشيوخ، وعلى الرغم من أنه كان يتيما مبكراً، إلاّ أنه عاش مرفهاً، وهذا الترف ناتج من أن أباه كان موسراً وخلف ألوفا من المال[11]، لقد تميزت شخصية ابن الجوزي بصفات ومناقب عظيمة، وبدأت تظهر ملامحها مبكراً، ذلك أنه كان وهو صبي ملتزما دينيا، لا يخالط أحداً ولا يأكل ممّا فيه شبهة، ولا يلعب مع الصبيان، وكان شغوفا يطلب العلم[12]، ممّا جعله يتحمّل الشدائد التي كانت تصادفه في طريقه[13]، ويقول ابن الجوزي:" ولقد كنت في حلاوة طلبي للعلم ألقي من الشدائد ما هو عندي أحلى من العسل، لأجل ما أطلب وأرجو، كنت في زمن الصبا آخذ معي أرغفة يابسة، فأخرج في طلب الحديث، وأقعد على نهر عيسى، فلا أقدر على أكلها إلاّ عند الماء، فكلما أكلت لقمة شربت الماء عليها، وعين همتي لا ترى إلاّ لذة تحصيل العلم"[14].
وكان ابن الجوزي لا يخرج من بيته إلاّ للصلاة[15] كما أنّه رزق ذهناً وقاداً وذاكرة قوية مما ساعده على طلب العلم وحفظه[16] حفظ القرآن وقرأه على جماعة من القراء بالروايات[17].
كان علامة عصره وإمام وقته في أنواع العلوم والتفسير والحديث والفقه والوعظ والسير والتواريخ والطب وغيرها[18]، ولم يترك أحد ممّا يروي ويعظ، ولا غريباً إلا حضره، وكان يتخير الفضائل، إذا قدّم  له أمران قدّم في أغلب الأحوال حق الحق[19] حصلت في شبابه من حضوة في الوعظ ما لم يحصل لأحد قط[20]، وحضر مجالسه الكثير من الخلفاء والوزراء والعلماء والأعيان والفقراء ومن سائر صنوف بني آدم[21]، وأقل ما كان يجتمع في مجلس وعظه عشرة آلاف وربما إجتمع فيه مائة ألف[22]. أو يزيدون وأقع الله له في القلوب والهيبة، وكان زاهدا في الدنيا متقللا منها[23]. كان لطيف الصورة حلو الشمائل، رخيم النغمة موزون الحركات والنغمات لذيذ المفاكهة[24].
نالته في آواخر عمره محنة، فقد وشوا به إلى الخليفة في أمر إختلف في حقيقته، وذلك في الصيف، فبينما هو جالس في داره في السرداب يكتب، جاءه من أسمعه غليظ الكلام وشتمه، وختم على كتبه وداره، وشتت عياله، فلما كان أول الليل حملوه في سفينة وأخذوه إلى واسط ،فأقام خمسة أيام بدون طعام وهو يومئذ ابن ثمانين سنة، حبسوه في دار، وجعلوا عليها بوابا، وكان يخدم نفسه ويغسل ثوبه ويطبخ ويستقي الماء من البئر، فبقي كذلك خمس سنين، وكان من جملة أسباب القضية أن الوزير ابن يونس قبض عليه فتتبع ابن القضاب أصحاب ابن يونس، وكان الركن عبد السلام ين عبد الوهاب بن عبد القادر الجيلي المتهم بسوء العقيدة واصلا عند ابن القصاب فقال له: أين أنت عند ابن الجوزي فهو من أكبر أصحاب ابن يونس، وأعطاه مدرسة جدي وأحرقت كتبي بمنشورته وهو ناصبي من أولاد أبي بكر، وكان ابن القصاب شيعيا فكتب إلى الخليفة وساعده جماعة ولبسوا على الخليفة فأمر بتسليمه إلى الركن عبد السلام، وكان ابنه محي الدين يوسف قد ترعرع وقرأ الوعظ وكان مبنيا ذكيا فوعظ، وتكلمت أم الخليفة في خلاص ابن الجوزي فأطلق وعاد إلى بغداد[25].



[1] - الذهبي شمس الدين محمد بن احمد بن عثمان، تذكرة الحفاظن ج1، تح: عبد الرحمان بن يحي المعلمي، د.ط، دار الكتب العلمية، لبنان   ، د.ت، ص1342. الذهبي شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان، سير أعلم النبلاء، ج21، تح: بشار عوض معروف، ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1404هـ/1984م، ص 365. عبد العزيز هاشم الغزولي، ابن الجوزي الإمام المربّي الواعظ البليغ والعالم المتفنّن، ط1، دار القلم، دمشق، 1420هـ/2000م، ص18.
[2] - جعفر الجوزي بن عبد الله بن القاسم بن النضير بن القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمان بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) وهو الجد التاسع لأبي الفرج الجوزي.(ينظر: ابن خلكان أبي العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان ، مج3، تح: احسان عباس، د.ط، دار صادر، بيروت، د.ت، ص142).
[3] - نفسه، مج3، ص142.
[4] - الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج21، ص372.
[5] - عبد العزيز هاشم الغزولي، المرجع  السابق، ص19-20. أحمد عطية الزهراني، ابن الجوزي بين التأويل والتفويض، رسالة مقدمة لنيل شهادة الماجستير، إشراف عوض الله جاد حجازي، قسم الدراسات العليا الشرعية، المملكة العربية السعودية، 1396هـ/1976م، ص13.
[6] - ابن كثير أبو الفداء الحافظ، البداية والنهاية، ج13 ، ط1، مكتبة المعارف،بيروت، 1408هـ/1988م، ص28.
[7] - الذهبي، سير أعلم النبلاء، ج21، ص373.
[8] - ابن كثير، المصدر السابق، ج13، ص28.
[9] - المقدسي أبو شامة، ذيل الروضتين، تر: محمد زاهد بن الحسن الكوثري، ط1، دار الجيل، بيروت، 1947م، ص21. ابن رجب عبد الرحمان بن أحمد، الذيل على طبقات الحنابلة، ج2، تح: عبد الرحمان بن سليمان العثيمين، د.ط، مكتبة العبيكة، مكة المكرمة، د.ت.، ص458.         
[10] -ابن التغردي البردي جمال الدين أبي المحاسن، النجوم الزاهرة، ج6، د.ط، دار الكتب ، د.ب، د.ت، ص175. الداوودي شمس الدين محمد بن علي محمد، طبقات المفسرين، ج1، د.ط، دار الكتب العلمية، لبنان، د.ت، ص278.
[11] - ليلى عبد الرشيد عطّار، آراء بن الجوزي التربوية: دراسة وتحليلاً وتقويماً ومقارنة، ط1، منشورات أمانة، الولايات المتحدة الأمريكية،1419هـ/1998م، ص73.
[12] - عبد العزيز هاشم الغزولي، المرجع السابق، ص23. ليلى عبد الرشيد عطار، المرجع السابق، ص73.
[13] - البغدادي أبي بكر، الرحلة في طلب الحديث، تح: نور الدين عتر، ط1، د.ن، د.ب، 1395هـ/1975م، ص219.
[14] - ابن الجوزي جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمان، صيد الخاطر، تح: عبد القادر أحمد ، ط1، دار الكتب العلمية، لبنان، 1412هـ/1992م، ص167.
[15] - ابن الجوزي جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمان، لفتة الكبد إلى نصيحة الولد، تح: أشرف بن عبد المقصود بن عبد الرحيم، ط1، مكتبة الإمام البخاري، د.ب، 1412هـ،ص10.
[16] -عبد العزيز هاشم الغزولي،  المرجع السابق، ص26.
[17] - ابن العماد شهاب الدين أبي الفلاح عبد الحي بن أحمد بن محمد العكري، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ج6، تح: عبد القادر الأرناؤوط، محمود الأرناؤوط، ط1، دار ابن كثير، بيروت، 1410هـ/1989م، ص538.
[18] - اليافعي أبي محمد عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان، مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان، ج3، تح: خليل المنصور، ط1، دار الكتب العلمية، لبنان، 417هـ/1997، ص370.
[19] - ابن الجوزي، لفتة الكبد، ص36.
[20] - ليلى عبد الرشيد عطّار ، المرجع السابق، ص74-75.
[21] - ابن كثير، المصدر السابق، ج13، ص29، تشيكو عثمان عارف، الخبر في آثار (ابن الجوزي) ت597هـ "دراسة سردية" ، جزء من متطلبات نيل درجة الدكتوراه ، فلسفة في الأدب العربي، إشراف طاهر لطيف كريم، قسم اللغة العربية، فاكلتي العلوم الانسانية ، جامعة السليمانية، 1436هـ/2015م، ص08.
[22] - الداوودي، المصدر السابق، ج1، ص278.
[23] - الصبط ابن الجوزي شمس الدين أبي المظفر يوسف بن قزأوغلي بن عبد الله، مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، ج22، تح: ابراهيم الزيبق، ط1، دار الرسالة العالمية، د.ب، 1434هـ /2013م، ص94.ابن العماد، المصدر السابق، ج6، ص538.
[24]- الذهبي، تذكرة الحفاظ، ج1، ص1346.ابن العماد، المصدر السابق، ج6، ص538.

[25]- الذهبي، سير أعلام النبلاء،ج21،ص376. ليلى عبد الرشيد عطار، المرجع السابق، ص75 . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق