New info

آخر الأخبار

الأحد، 18 أغسطس 2019

شخصية مريض السكري من جانب علم النفس بالتهميش :

     شخصية مريض السكري من جانب علم النفس :
إن خصائص الشخصية اعتبرت منذ القدم بأن لها تأثير على الصحة والمرض وتوجد مقاربات شاملة للشخصية والتي يمكن أن توضح بعض الأنماط التي لها علاقة مع بعض الأمراض (النمط A للأمراض القلبية؛ النمط C يخص السرطانات) فهي تجعل الشخص أكثر هشاشة مع مرضه؛ أما (النمط D لديه ارتباط مع الشكاوى الجسمية؛ الانفعالات السلبية؛
نقص السلوكيات الصحية وأقل التزام بالعلاج) (Engel-Zerbinati ; 2014 ; p34).
ومن أهم النظريات التي عملت على تطوير مفهوم بروفيل الشخصية نجد المدرسة الأمريكية لألكسندر(Alexandar) والذي بدأ أعماله في سنوات الأربعينيات؛ مع زملاءه من مدرسة شيكاغو، وقد توصل إلى إنشاء بروفيل خاص بالشخصية ذو علاقة مع أمراض تعتبر سيكوسوماتية، ويعتقد ألكسندر أنه توجد هوية تطورية بين العملية النفسية والفيسيولوجية وقد سعى إلى فهم التعبير العضوي للنفس وللجسد، فبالنسبة له فالأمراض السيكوسوماتية هي استجابة فيسيولوجية لتوتر عاطفي مفرط، وبالارتكاز على ملاحظاته أكد ألكسندر أن كل انفعال يشعر به الفرد له ارتباط على المستوى الفيسيولوجي، وهذا الارتباط يحدث من خلال تدخل النظام العصبي الحيوي (السمبثاوي والباراسمبثاوي)؛ فالعديد من الأعضاء مرتبطة بالنظام العصبي الحيوي إذن فهي تسمح بالاستجابة الجسدية للانفعال؛ أو الصدمة؛ ويضيف إلى النظام العصبي النظام الهرموني والذي ينشط في حالة الضغط وهو مسؤول عن التعديلات السوماتية. وقد حاول ألكسندر إنشاء ارتباطات بين نمط الشخصية والتنبؤات بعدد من الأمراض؛ ففي كتابه "la médecine psychosomatique" والذي ظهر سنة 1950؛ فقد فصّل في فرضياته التي تخص العلاقة بين مرض معين وبين نمط شخصية معين ويمكن الإشارة في ذلك إلى تأثيرات الغدد الصماء في مثل حالة السكري وحالة الإعياء (Schiele, 2009 ; p31-34).
Dunbar في 1936 كانت قد ذكرت "الشخصية السكرية" على أنها غير ناضجة؛ سلبية؛ مازوشية مع وجود الاعتماد الفموي؛ في 1946 وصفت المصابين بالسكري كأشخاص ضعفاء؛ سريعي الانفعال؛ وسواسيين؛ وغير مستقرين في سلوكاتهم مع الميل إلى الاعتماد ومن ثم التمرد (Engel-Zerbinati ; 2014 ; p34). فالعديد من الباحثين أمثال (Dumbar) 1948 أكدوا على وجود سمات خاصة مرضية لدى المصابين بالسكري؛ وقد وضعوا وصف للشخصية السكرية على أنها: تتسم بالانفعالية المرضية؛ القلق؛ العدوانية؛ ميولات برانويدية وانتحارية؛ وقد ذكرت أيضا دانبار (1954) وجود صراعات على مستوى التحكم الذاتي؛ الجنسية؛ القلق؛ والميولات الاكتئابية والبرانويدية؛ وذكر باحثون آخرون أمثال سويفت Swift (1967) وجود مشاكل تخص التحكم الذاتي؛ القلق؛ إدراك الذات؛ العدائية؛ تثبيت في المرحلة الفمية؛ أمراض جنسية والعلاقات مع الأزواج والعائلة تفتقر للانسجام (Vachon, 1984 ; p02-13). وفي 1981 تونترسال tanttersall) (ترى أن الخصائص الخاصة بالسكري سيئة التحكم أو السيطرة. في 1996 يؤكد كل من Friedman؛ Vila؛ simeone mouren؛ بأنه لا يوجد نمط شخصية مشترك للسكريين لكن تنظيمات عقلية متنوعة. وقد تضمنت مقاربة أخرى تحديد سمات الشخصية أو أبعادها والتي تمثل عامل حماية أو ضعف والذي يختلف عن عامل خطورة تطوير مرض؛ ونميز هنا نوعين:
أ‌-       سمات صحية: التفاؤل؛ مشاعر التحكم؛ القدرة على التحمّل؛ الفعالية الذاتية أو الرجوعية.

ب‌-  سمات مرضية: القلق؛ الاكتئاب؛ العصابية؛ العدوانية؛ الوجدانات السلبية؛ الألكسيتيميا (عجز التعبير الانفعالي) (Engel-Zerbinati,2014 ;p34-35).
1.      التفسير السيكوسوماتي للسكري:
إنه من أكبر اكتشافات Freud تتعلق بالميكانيزم الخاص بالهيستيريا والذي يوضح جانب من المرور من النفس إلى الجسد في العملية السيكوسوماتية؛ فأعراض الهيستيريا التحولية تنتج عن الإثارة المرضية لعضو ما والذي يرمز إلى صراع نفسي كامن.
1.2.           التنظيمات العقلية والتفكير العملي حسب بيار مارتي:
ديبراي (Rosine Debray) تقترح حسب وجهة نظر بيار مارتي في كتابه "l’équilibre psychosomatique: organisation mentale des diabétique" رؤيته لمرض السكري المعتمد على الأنسولين فعمله لا يقدم تقريرا نفسيا مشترك في مرض السكري من النمط الأول لكن تنظيمات عقلية متنوعة. وبهذا فإن مرض السكري يصبح معتمد بشكل مختلف جدا طبقا للمكانة التي يشغلها في الاقتصاد العام للأفراد؛ فإن كان التوظيف العقلي القاعدي متغيّر يصبح المرض من الصعب التكفل به ويصبح متعب ومن غير الممكن تقبله. فحسب ملاحظاتها فإنه توجد فترات حساسة والتي يكون للمرض خلالها فرص أكثر للحدوث والتي عرفها التحليل النفسي مسبقا: سن الصراع الأوديبي؛ المراهقة؛ ولادة أطفال.
1.2.           النظرية العلائقية لسامي علي (الانسداد العلائقي وكبت الخيال):
من ناحية أخرى في النظرية السيكوسوماتية؛ يرى سامي علي (Sami Ali) أن النشاط الخيالي المكبوت يلعب دور حاسم في التوظيف السيكوسوماتي؛ فحسبه الصراع الذي يتضمن تعارض من أجل إيجاد حل له يضع الفرد والذي يكون في حالة مواجهة في وضعية انسداد نفسي «impasse relationnelle». فإن اعتمد ميكانيزم الإسقاط واحتفظ به؛ فهذا يعني الدخول في ذهان من خلال " التغير في البنية وحتى التغير في التفكير والذي يصبح تفكير خاص بالخيال" وإن كان العكس فإن الكبت الناجح للخيال يمنع النشاط الإسقاطي فيكون خطر الذهان تقريبا معدوم بينما يكون خطر التجسيد كبير (Engel-Zerbinati ; 2014 ; p36).
2.      الصدمة الخاصة بالمرض:
1.3.           صدمة الإعلان عن المرض:
      إن الإعلان التشخيصي عن مرض خطير ليس مجرد تسليم للمعلومات فهي لحظة شديدة بشكل خاص وعادة ما تكون صدمة.
وبالتالي فهي تتطلب شروط لازمة من أجل أن يتقبل الطفل وعائلته المرض والرعاية الثقيلة المرتبطة به؛ فهذا التقبل لا يكون على الفور وبشكل مباشر؛ بل يفترض أن يدخل في التوظيف النفسي. ومن التقليدي أن نعتبر ذلك العمل النفسي متأصل في صدمة الإعلان مشابه لعمل الحداد؛ وتتكون خلال ثلاث مراحل: الانهيار؛ تركيب آليات الدفاع وقبول التشخيص.
3.       التمثلات الخاصة بالمرض:
     كل إنسان لديه تمثلاته الخاصة وتسمى أيضا المفاهيم المرتبطة بالمرض؛ فهذه المفاهيم التي يضعها المريض حول مرضه راجعة إلى السجل المعرفي: فهي تتضمن الطريقة التي تنظّم بها المعارف وتفسّر من قبل الفرد؛ والتي تحدث بطريقة لاإرادية ولاشعورية والتي يتم ارصانها تحت تأثير الوسط الثقافي والمسار الدراسي والنشاطات المهنية والاجتماعية. فهذه المفاهيم هي طريقة وسبب لإنتاج معنى؛ وهي منفذ لابد منه لفهم وأخذ أو تغيير السلوك؛ وبالنسبة لأطفال السكري لابد أيضا الاعتماد على مفاهيمهم حول المرض وكذلك الخاصة بوالديهم (Zennaki ; 2016 ; p42, 43).
في علم النفس التمثلات تعود على التصورات العقلية للعالم الخارجي؛ من خلال ربط التصور بفكرة ما؛ بصنف من الحقائق؛ بصورة ذهنية؛ برمز أو بنموذج توضيحي (Aljendi ; 2015 ; p92). أما بالنسبة لـ (R. Kaës) فقد اعتبرها كنتاج ثقافي ونشاط خاص بالفرد (كعملية تنظيم للعلاقات النفسية الاجتماعية). فبالنسبة له "هي ليست انعكاس بل وساطة بين الفرد وبيئته؛ بين ماضيه وحاضره؛ هي بالتالي علاقة وتواصل (عملية ونتيجة)" (Aljendi ; 2015 ; p95, 96)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق